عذراً للتأخير مرة تانية..بس الواحد لما يجي يكتب حاجة اللي مشتركة فيها احمد فؤاد الدين و وئام فلازم يكون مركز كويس جدا...يالا يا وئه..انا مستنية الجزء بتاعك
**************
لم تدري هي كيف وجدت نفسها جالسه معه على مقهاها المفضل في "الحسين" تستمع اليه ... هو يدخن الشيشة و يتحدث عن نفسه بجمل مقتضبة قصيرة..ملغزه في بعض الاحيان ..و هي تطبق عليه كل ما يحمله ذهنها من معان لكلمة "Crush" ..تتأمل وجهه عن كثب و هو يتحدث.. فمه واسع و شفتيه دقيقة الي حد ما..و ابتسامته رائعة .. ..بشرته سمراء مجهدة ... اما عينيه فهي قصة اخرى..فعندما يكون للرجل عينان عسليتنان حزينة لسبب مجهول..فيصبح وجهه اسطورة اغريقية بالنسبة لها .. تخيلت نفسها مرة تقبل رقبته النحيلة و هو يضمها بقوه..و مرة تخيلته يبكى بين ذراعيها و هو يحكي لها عن سبب هذا الشجن في عينه..و مرة اخرى تخيلت نفسها تحكي له عن كل تجاربها السابقة و هو يطلب الزواج منها و يخبرها انه لا يهمه كونها كانت متزوجة و لا يهمه تاريخها المذكور..
عادت الي بيتها و هي "خارج نطاق الخدمة" ..تعيش في عالم اخر بعيد الواقع الذي تعيشه .. فاخيرا منذ طلاقها من يوسف وجدت شيء بعيد عن الواقع تختبيء فيه ..هي تقريبا تعلم ان كل ما بداخلها تجاة "عمر" ليس حقيقي..و لكنها الان لا تحتاج الي ا شيء حقيقي..هي تحتاج الخيال..هو وحده الذي قد يسكّن هذا الالم لبعض من الوقت..ربما تستطيع وقتها ان تلتقط انفاسها دون هذا الالم الذي يصاحبه في صدرها ...زاد من روعة تلك التجربة انه رسام..فلن يسعدها ان تخوض تجربة جديدة و بطلها يكون موظف يعود الي بيته ببطيخة..و يقرأ في الصباح جريدة الاخبار.
تعمدت في هذا اليوم ان تصلح بعض ما فسد مع عائلتها ..فابتاعت لأبيها و هي عائدة للمنزل رواية نُشرت حديثاً و اعتطها له مع قبلة اسف سريعة على جبينه..اما امها فكان عطرها المفضل كافي لتسوية الخلافات بينهم..و اكتفت ان تعد لاخيها كوب الشاي بعد الغداء بنفسها ..فمازلت تجد صعوبة في لمس اخوها تحت اي ظرف..تتذكر هي عندما عاد من سفر دام شهر فارتمت في حضنه بعفويه.و .كيف ارتبكوا هم الاثنين و ابتعدوا سريعاً..شعرت انها راضية عن نفسها و عن العالم ..فدخلت الي غرفتها و اخرجت من حقيبتها ديوان محمود درويش الذي اعطاها اياه بعد ان ابتاعه و هو يقول "اقرئيه جيداً اليوم..صدقيني هنا لن أحاول أن اقنعك بعبقرية محموش درويش السابح فى ملكوت وحده..فقط ربما تعطيك هذه القصائد فكرة عن شعر محمود درويش , الذى يقطر بالتجارب الانسانية التى يمكن أن يمر بها كل منا إلى شعر بمستوى عالمى يلمس جزءا منا فى أى وقت ودون استئذان.
عموما من المحتمل أن تكون الصور والتراكيب معقدة، وربما لا تصل كل معانى الكلمات ولكن فى كل الأحوال أنا متأكد أن الإحساس سيصل"..تنهدت و نظرت الي الديوان " كزهر اللوز او ابعد" ....لم تفهم معنى عنوان الديوان و لكنها قررت ات تتصفحه..
اخذت ساعتين تقريباً في الديوان ..ربما ساعة منهم في قصيدة واحدة كانت قد حفظتها بعد ان انتهت من الديوان..او بمعنى اخر انهى الديوان عليها...كانت قصيدة "مقهى، وأنت مع الجريدة" ..ظلت تردد في نفسها جزء معين من القصيدة الذي يقول " كم انت منسيٌّ وحُرٌّ في خيالك!"..فقد ذكرتها تلك الجملة بحالها الان و كم هي تختبيء في خيالها من كل ما تمر به .
قابتله في اليوم التالي..و تعمدت ان ترتدي ملابس مفتوحة قليلا من عند الصدر..و ضيقة من عند خصرها ..كانت بداخلها تتمنى ان يدعوها الي بيته الذي هو في خيالها عبارة عن مرسم و به العديد من البرافانات الارابيسك التي ربما تختفي خلفها و تخرج له بملابس مثيرة ليرسمها ..
و لكنه في هذا اليوم اكتفى انهم تحدثوا سوياً فقط على نفس المقهى..تحدثوا كثيرا عن محمود درويش و اخبرته انها احبته بالفعل..ظل يلقى عليها بعض القصائد من الديوان..صوته العميق و اداؤه في القاء الشعر جعلها تود ان تقبله علناً و الان...تتابعت مقابلتهم حكت له هي عن يوسف و عن علاقتها السابقة و شعرت براحة نفسية عندما اخبرها انه ليس خطأها كل ما حدث..لكنها لم تجرؤ ان تحكي له شيء عن اخيها..اخبرها هو عن حبه الاول ..و غارت منها قليلا..ثم شعرت بسعادة عندما لاحظت بعض التقارب بين شخصيتها و شخصية حبيبته الاولى .. دامت مقابلاتهم عشرة ايام تقريبا..شعرت خلالهم ببعض المشاعر الحقيقة التي اسعدتها و في نفس الوقت جعلت هناك انقباض في قلبها كلما فكرت في مستقبلهم ..كانت سعيدة لانهم الي الان لم يحدث بينهم اي شيء كسابق علاقتها و مع ذلك كانوا هم الاثنين سعداء..بغض النظر عن ملامسته ليدها عندما تتحدث عن يوسف و يشعر انها على وشك البكاء..او عندما يضع يده على كتفها و يبعده سريعاً فينتفض جسدها لهذا الدفء السريع المباغت .. الي ان جاء اليوم الذي طلب مقابلتها سريعاً..نزلت اليه و هي تشعر بغصه في حلقها فقد كان صوته غير مبشر..
جلست امامه و يدها ترتعش بالسيجارة ..وهو ينظر حوله في كل مكان و يبدو عليه انه لم ينم جيداً ..و فجأة نظر اليها و عينيه مليئه بالدموع..و امسك يدها و قال " مني..انا متجوز"..
لم تنطق و لم تتحرك من مكانها ..ظلوا هكذا دقائق ..ثم ردت رد ساذج " و لكنك لا ترتدي دبلة"..
..لم يرد عليها و ظل صامتاً..سحبت يدها من يده..لماذا هي حزينة ..متزوج او لا ..ما يهمها هي ..الم يكن قرارها ان تخوض تجربة جديدة غير جادة..قالت له" و لماذا تقول لي هذا الان؟"...
كان رده سريعا و كانه كان ينتظر هذا السؤال ...قال لها و هو يمسك بيدها مره اخرى.."لأني احبك" ...